الحقيقة التي اكتشفها كل التونسيون ولو بكثير من التأخير قد لا تبدو الآن في ظل الأوضاع الحالية التي تشهدها البلاد مثيرة للاستغراب بما أن التعامل مع الملف الأمني منذ اندلاع ثورة 14 جانفي أكد أن تشكيلة قوات الأمن تعاني نقصا فادحا في العدد والعتاد وهي غير قادرة بمفردها على صد أو رد ثورة الشعب فما بالك بالمرتدين والخارجين عن القانون غير أن البعض مازال يصر على التعاطي مع تكتيك النظام السابق ويسلم بكون أن العدد الجملي لقوات الأمن يقارب فعلا 180 ألف عون امن مستدلين في ذلك على وجود أكثر من فرقة خاصة لا تخضع لسلطة الداخلية وتتبع القصر الرئاسي على غرار البوليس السياسي الذي لا يندرج في قائمة أعوان الأمن المرسمين بوزارة الداخلية إضافة إلى قائمات المخبرين الذين ينتشرون على كامل تراب الجمهورية وهم دوما في ارتباط وثيق بالوزارة لكنهم في المقابل لا يعود انتمائهم الوظيفي الى مبنى الداخلية وإنما إلى جهات أخرى قيل أنها تابعة للحزب الحاكم... !
على الورق اكتشف الوزير الجديد السيد فرحات الراجحي أن عدد قواته لا يتجاوز الخمسين ألفا لكن نظريا تبقى هذه المعادلة الحسابية قابلة للطعن بما أن المحسوبين على وزارة الداخلية أكثر من ذلك بكثير فالمخبر والعميل كانا يحظيان في العهد الفائت بشرعية البوليس وكانا لهما من النفوذ والسلطة ما يجعلهم في نفس المرتبة مع رجال الشرطة بل أعلى في بعض الأحيان خاصة وان المعروف عن المخبرين والعملاء أن أصواتهم مسموعة وتقاريرهم يقرأ لها ألف حساب وحملة التطهير التي شرع فيها الوزير الجديد قد تحيل الآلاف من فاقدي الصفة الفعلية على قارعة الطريق وربما هذا ما يفسر بعض حالات اللامبالاة لدى قلة من أعوان الأمن خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد ...
المواطن التونسي كان يعتبر المخبر والعميل شرطيا تابعا لوزارة الداخلية يتقاضى راتبا شهريا شأنه في ذلك شأن بقية موظفيها وكان يهابهم إلى درجة الهوس وبالتالي لم يكن مثيرا للريبة في عهد بن علي أن تجد مخبرا في كل زقاق وعميلا في كل مؤسسة مما يعني أن جدلية 180 ألف عون أمن لم تأت من فراغ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire